الرجال والنساء بين مد وجزر
شخصية ذلك الرجل المتأمر على المرأة بكل جبروته وتسلطه وذكوريته المتطرفة.. وعنجهيته.. وجفاف مشاعره.. وأنانيته.. وظلمه وقسوته.. الرجل الاستحواذي والمصادر لكل حقوق المرأة.. والمهمش لدورها في الحياة..
والساعي لوأد كل طموحاتها.. هذه الصورة التي تشكلت في مخيلة المرأة لتصوغ منها نظرية "المؤمراة الرجالية".. لترفع بموجبها لوحة عريضة كتب عليها "احذري الرجل".. لا تثقي به..
وتناغما مع سرمدية العبارة الخالدة "يا مأمن الرجال.. يا مأمن المية في الغربال" والتي رسختها المسلسلات الواردة من خارج الحدود طيلة العقود الماضية.
قد لا تكون هذه النظرة السوداوية في فكر كل امرأة.. ولكنها متأصلة دون ريب لدى كثيرات نتيجة لتجارب غير ناجحة.. ولعلاقات اصطدمت بصخور الفشل والخيبة..
فما بين مطلقة ومعلقة ومعضولة وعانس ومظلومة ومكلومة تتأصل نظرية المؤامرة الرجالية بكل تفاصيلها متجاوزة الحقيقة.. ومجافية للواقع أحيانا وفي حالات لا ترى فيها تلك المصدومة سوى ما حل بها.
مؤامرة الرجل في ذهنية المرأة تتراوح بين اعتباره أكبر عقبة في طريقها إلى كونه أحد العوامل الرئيسية في هضم وسلب حقوقها.. ولذا تراه متآمرا عليها حين يضعها في مكانة أدنى من مكانتها خوفا من تفوقها عليه..
وتراه كذلك عندما يعتبرها مجرد جارية تخدم وتطبخ وتغسل الملابس وتربي الأطفال مع تقديم فروض الولاء والطاعة دون أن يكون لها أي رأي في تسيير شؤون الحياة الزوجية.
وهو متآمر حين يستحوذ على أغلب الوظائف ويترك لها الفتات.. وحتى في مجال العمل لا يعدها سوى تابعة له وليست مشاركة في صناعة القرارات أو اتخاذها..
وهو كذلك ظالم ومتآمر في نظر حواء عندما يتعمد دون وجه حق أو سبب مقنع حرمانها من فرص الدراسة أو العمل وتغيب دورها الحيوي في المجتمع.. وسعيه الحثيث لإيقاف كافة حقوقها المشروعة.
وتظهر شدة المؤامرة الرجالية في نظر حواء في تلك النزعة الذكورية التي لا ترى من المرأة سوى إطارها الجسدي والأنثوي دون المزايا الفكرية والروحية.. والتي تؤدي غالبا إلى نزع الثقة من المرأة تماما
وكأنها كائن مسكون بالخطيئة مع براءة الرجل منها تماما.. والنظرة الدونية لبنات حواء على أنهن كائنات ضعيفات لا يستطعن تدبر أمورهن إلا بوجود الرجل.
الرجل المتأمر ذلك الذئب البشري الشرس المتهيئ دوما للهجوم على المرأة فيما لو سنحت له الفرصة.. ولذا استباح وخرق حرمة المرأة فحلل زواجات مشبوهة لتتوافر له المزيد من المتع على حساب المرأة
مثل زواجات المسيار والمصياف والمسفار والسياحي.
نظرية المؤامرة الرجالية قد تبدو غير منصفة.. وربما مجحفة في حق الكثير من الرجال الذين لا يرون المرأة إلا شريكة رئيسية للرجل.. فهن شقائق الرجال وبهن وفيهن تصلح الأجيال..
وتبقى نظرية المؤامرة الرجالية رهينة فكر ثلة من النسوة تأسست انطلاقا من تجاربهن الفاشلة.. نعم هناك رجال متآمرون.. ولكنهم قلة!!
د.عبد الرحمن الشلاش
مما تصفحت